الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
ورد الزواج في الذكر الحكيم باعتباره آية من آيات الله في الكون ونعمة من نعمه تعالى على عباده . فيقول:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)
فتجد الآية الكريمة تجعل أهداف الحياة الزوجية أو مقوماتها هي السكون النفسي والمودة والرحمة بين الزوجين، و كلها مقومات نفسية، لا مادية ...ولا معنى للحياة الزوجية إذا تجردت من هذه المعاني وأصبحت مجرد أجسام متقاربة، وأرواح متباعدة. وأنهدت أركان الأسرة .
ومن هنا يخطئ بعض من الأزواج - الطيبين في أنفسهم - حين يظنون أن كل ما عليهم لأزواجهم نفقة وكسوة ومبيت، ولا شيء وراء ذلك .
ناسين بذلك أن المرأة تحتاج إلى الكلمة الطيبة، والبسمة المشرقة، واللمسة الحانية، والقبلة المؤنسة، والمعاملة الودودة، والمداعبة اللطيفة، التي تطيب بها النفس، ويذهب بها الهم، وتسعد بها الحياة.
وهي من مقومات المعاشرة بالمعروف والتي تعتبر ركيزة أكيدة في الحقوق النفسية للمرأة .
وقد ذكر المفسرون في حقوق الزوجية وآداب المعاشرة جملة منها ، و لا تستقيم حياة الأسرة بدونها . ومن هذه الآداب التي جاء بها القرآن والسنة:
حسن الخلق مع الزوجة، واحتمال الأذى منها . قال الله تعالى: ( وعاشروهن بالمعروف)، وقال في تعظيم حقهن: (وأخذن منكم ميثاقًا غليظًا).
وفي قوله تعالى : (والصاحب بالجنب) قيل في أحد الأقوال لتفسيرها : هي المرأة.
و ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها . اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كانت أزواجه يراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهن يومًا إلى الليل.
وكان يقول لعائشة: " إني لأعرف غضبك من رضاك ! قالت: وكيف تعرفه ؟ قال: إذا رضيت قلت: لا، وإله محمد، وإذا غضبت قلت:
لا وإله إبراهيم.
قالت: صدقت، إنما أهجر اسمك ! ".
ولإبن القيم في بيان هديه صلى الله عليه وسلم مع أزواجه:
" وكانت سيرته مع أزواجه: حسن المعاشرة، وحسن الخلق.
وكان يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها .
وكانت إذا هويت شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه .
وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه موضع فمها وشرب وكان إذا تعرقت عرقًا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها.
" وكان يتكئ في حجرها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها .
وربما كانت حائضًا . وكان يأمرها وهي حائض فتتزر (تلبس الإزار، لتكون المباشرة من فوق الثياب) . ثم يباشرها .
وكان يقبلها وهو صائم.
لكن تتعالى أصوات دعاة الرذيلة وأعداء الفضيلة في وسط حمى موجة حقوق المرأة ينادون بعنف مبادئ الإسلام ضد المرأة وأضطهاده لها..
(هكذا يهذي البعض فيقول إن الإسلام عدو للمرأة ينتقص كرامتها ويهين كبرياءها، ويحطم شعورها بذاتيتها ويدعها في مرتبة أقرب للحيوانية، متاعاً حسياً للرجل وأداة للنسل ليس غير، وهي من هذا في موضع التابع من الرجل يسيطر عليها في كل شيء، ويفضلها في كل شيء) أ. إيمان الحلاق.
ومن أمثلة هذا الهذيان أيضاً ماورد في أوراق عمل المشاركين في المنتدى الأول لمؤتمر قمة المرأة العربية..
فقد ورد في ورقة الخبيرة محرزية زينب بن عياد /تونس
(بالتأكيد على أهمية توعية المرأة العربية بضرورة الخروج من انغلاقها والتعبير عن رغبتها في مسايرة التغييرات الدولية، فأبرزت حقوق المرأة المعترف بها عالمياً – دون استثناء للمرأة العربية – ضمن المواثيق الدولية العامة والخاصة بها مع التركيز على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد النساء التي اعتمدتها الجمعية العامة، وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها المؤرخ في 18/12/1979
(المعروفة باتفاقية كوبنهاجن) نظراً لما يخول تطبيقها من دفع إيجابي لحركة المرأة العربية.
وتناولت بالتحليل مدى انسجام المجتمعات العربية مع جوهر المواثيق الدولية من حيث مساهمتها فيها مع التركيز على باب الاحترازات والتحفظات، وعلى ما تحقق في التطبيق والممارسة العملية، رجوعا إلى نماذج متعددة من بعض البلدان العربية ( كمصر ولبنان والمغرب واليمن وتونس مثلاً وغيرها) حيث تمتعت المرأة العربية ببعض حقوقها رغم الاختلاف النسبي في الدرجة والزمن والموقع.
كما تناولت بالدرس ما بقي أن يتحقق حتى تعانق المرأة العربية مستجدات هذا العصر، وتتمتع بما سعت إليه المواثيق العالمية مع حقوق لفائدتها.
واستخلصت ورقة العمل في النهاية استنتاجات تمثل أهمها في ضرورة التدرج لرفع التحفظات مع التركيز على النموذج التونسي كنموذج رائد في هذا المجال،
وذلك في كنف التعاون والشراكة والعمل على تطبيق نصوص الاتفاقيات طالما أن القانون هو أحد أدوات التغيير)
وبالمقابل نجد كيف استطاع الباحثون فى دراسة نشرتها مجلة "العلوم النفسية العائلية" وقالوا فيها:
أن المفاهيم التى يحملها كل زوج للآخر .. تدل على مدى استقرار الزواج بكل دقة إذ اعتمد "الرباط الزوجي" فى حالة الأزواج السعداء على طريقة معاملة كل منهما للآخر.
وخلص الخبراء إلى عدد من الأفكار التى تعطى لمحةعن الحياة الزوجية المستقبلية كاستخدام كلمة "نحن" بدلاً من "أنا" عندما يكون الحديث عن الخطط المستقبلية من قبل الزوج أو الزوجة .
وأن يذكر كل من الزوج أو الزوجة بعضهما بالخير ويعطيان انطباعا لمن يتحدث إليهما بأنهما فخوران بارتباطهما وزواجهما إلى جانب تطابق وجهات النظر وتعزيز كل منهما وجهة نظر الآخر أثناء الحديث.
ويرى الباحثون أن على الزوجين أن يختزنا ذكريات واضحة عن تاريخ أول لقاء جمعهما وأن يتذكرا تفاصيل اليوم الذى (جمعهما ).
وأن لا يتصرفا بسلبية تجاه المصاعب التى تلاقيهما فى حياتهما بل عليهما البقاء متفائلين وإيجابيين فى السلوك والمعاملة. "شبكة منارة بوابة المغرب"
وغالبا تظهر التوترات النفسية عندما تصبح المسافة التى تفصلهما آلاف الأميال والهوة التى بينهما عميقة القرار فلا يرى أحدهما الآخر..
ولا يسمع أحدهما الآخر.. فلماذا؟
الجواب ببساطة لأنه على المستوى النفسى يكون كل واحد منهما قد قام بإلغاء الآخر..
وهي الركيزة الأولي التي تخلقها الإستقلالية عن الرجل بإتفاقية إلغاء التميز بينهما ليصبحا متساويين...
أى أن كلا منهما قد تحول بالنسبة للآخر إلى صفر. هذه هى البداية.. لأنه إذا كان الزواج.. قمة الإحساس بالآخر فإن إنهياره يكون عند نقطة توقف الإحساس بالآخر..
وتوقف الإحساس هذا هو انهيار كامل للمعنى الحقيقى للمودة والسكن والرحمة بينهما.
ويؤكد د. عادل صادق أن هناك أناسا لا يصلحون للزواج وغير مهيئين له لأنهم لا يمتلكون المقومات التى تساعد على أن يكونوا روحا قابلة للذوبان فى روح إنسان آخر أو تحمل مسؤولية رعايته والمحافظة عليه وإسباغ الحنان والمودة له.
وهذا النوع من الأفراد هو الذي تشكل ملامحه الشخصية إتفاقية القضاء على أشكال التميز فيصبح الرجل والمرأة ندان .. متضادان لا متكاملان.
إن إلغاء عناصر النقص في الرجل وإدعاء الكمال له ومن ثم أفتراض إستغنائه عن المرأة ، وإدعاء الكمال ورفض وجود النقص في المرأة. وبالتالي التأكيد على أهمية إستغنائها عنه هو الإطار الجوهري ورح إتفاقية إلغاء التميز بينهما.
والحقيقة التي لا تنكر إن الرجل لديه جفاف وجوع عاطفي ويحتاج من تملك قدرة سدها له، والمرأة تحتاج قوة الرجل ليدفع عنها ضغوط الحياة ومتطلبات العيش الكريم وتوتراته اليومية لتحصل على الإستقرار العاطفي والمعاشي .
لقد أخبرنا نبي الهدى صلوات الله وسلامه عليه أن للمرأة حقوقا عادلة مع الرجل ولها الزيادة في بعضها وله الزيادة في جانب آخر.
فللرجل الزيادة في القوامة وحق إدارة مصالحها ولها الزيادة عنه عند أبنائها في البر والصلة ولين الجانب وخفض الجناح .
فالمرأة سكينة ورحمة وهي خير متاع الدنيا مخدومات مكنونات.
قد حُرّم النظر إليها من غير محارمها ، وحُرّم الخلوة بها ، وحُرّم التلفظ بما يشوب عرضها ولو كان زوجها.
ولإن كان أعظم متاع في الآخرة هو التنعم في الفردوس الأعلى سلعة الله الغالية .
فإن أعظم متاع في الدنيا هي المرأة الصالحة . ومن نالها فقد نال أغلى الكنوز ،و قد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله ( تربت يداك).
ولتحبيب الرجال في رعاية البنات ..
ذكر الهادي البشير عليه أفضل صلاة وأتم تسليم في فضل الإحسان إلى البنات أن ثواب فاعله هو ( كن له سترا من النار.)
وعن إبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي لرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (اللهم إني أحرّج حق الضعيفين اليتيم والمرأة ) رواه النسائي بإسناد جيد، وأحمد 2/439، وابن ماجه 3678 من حديث أبي هريرة وسنده حسن.
وضبط الألفاظ مع الزوجات وإنتقاؤها ورد صراحة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم .قال: ( لا تقبح)...
وفي الحديث دلالة هامة لحسن الرعاية
(ألا وأستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم لاتملكون منهن شيئا غيره) .
كما وقد ورد منه نهي صريح ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا).
قال الحافظ النووي وغيره أي لا تطلبوا طريقاً تحتجون به عليهن وتؤذونهن به .
أيا بنيات الذرى السامقة...
قد جعلت شمساً والنساء كواكبا... فلا تغادري هاتيك القمم.
قد هيأت لأمر عظيم يا ربة الشمم.
فإياك من حصانة أهل الفجور في صدرك ..
إنهم يغيرون على فضيلتك بسكين التحرر والتقدم والإنفلات..يا غالية.
يريدونك يا نسمة الربيع لقمة سائغة في فم كل زان ومخمور وعربيد .
وأن يتناول منك وطره .. ثم يستدير لغيرك بألا من مزيد. في ثمالة من العهر ليس لها حدود.
يريدونك ... لنصيبهم المفروض من إفساد ساحات الشرف يا نجمة الطهر العفيف..
فتحرري من قيدهم ، ثم أرفعي الرأس أعلى من هام السحاب..
بكلا.. (معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون) ..
اللهم يا رب كل شيئ ومليكه أحفظ بناتنا ونساء المسلمين واجعلهن في ضمانك وأمانك وإحسانك .
اللهم وأنصر دينك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحين. اللهم آمين
والسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين